
يَــوْمُ التَّأْسِـيْس: اِحْـتَفِلُـوا فَقَد مَاتَت تِلْـكَ الــحُـقْـبَــةُ
بقلم : عـبـد الله الـجـمــيـلـي
في سـنــوات خَـلَــت كان (مجتمعنا) مختطفاً من طائفة تـرى الإسلام في “صورة مُـكْـتَـئِـبَـة ومُـتَـجَـهِّـمَـة”؛ فسعـت لأن تكون تفاصيل حـيـاتِــنَــا صباحَ مساءَ دائرة في فلك وحيد لايخرج عن مــدارات (الـقـبــر وظُـلْـمته وعذابه، وجَـحِـيـمُ الآخــرة، وليس جَـنَّــتــهَــا)؛ فـلا وقت أبداً للـفـرح، ولا لحظات تسمح للسعادة بِـبعض الـــنّـبَـضَــات، وعند أولئك كانت بـوابة الحكم بالـتَّـحْــرِيْــم دائماً مُـشــرعَــة وجاهزة لكلّ الأحداث والمستجدات والمناسبات أياً كانت حتى الوطنية منها!!
* وفي ظِــلِّ تلك الأيام الكئيبة احتدم النقاش وثَــار الـجَـدل الفقهي الواسع حــول مشروعية احتفالنا عام 2002م بمرور “100 عام” على تاريخ تأسيس “مملكـتنا العربية السعودية الحديثة”، والذي بدأ باستعادة (الملك عبدالعزيز رحمه الله) لــ (العاصمة “الرياض” في 4 شوال 1319هـ، الموافق 13 يناير 1902م)، وحينها كانت أصوات حَـاملي “لواء الـتَّـحريم” عالية في خُـطَـبِـهِـم وكتاباتهم!!
* مـضَـت السُّـنُــون ومَـاتت تلك الحقبة المظلمة بالسكتة القلبية؛ لــيأتي تعزيز شَــرايين المجتمع السعودي بـنفحات وسطية الإسلام وسماحته وإنسانيته، وأنه دِيْــنٌ للحياة لا الـموت؛ ولذا وجـدناه يرفع بيارق البهجة والسرور وصِـدْق الانتماء بــ “يـومه الوطني” في الـ (23 من سبتمبر كلّ عام)، وعندما أتى الأمر الملكي الكريم باعتماد الــ (22 فبراير) من كل عام إجازة رسمية؛ احتفاءً بتأسيس (الدولة السعودية)، حظي بترحيبٍ وتقديرِ غيرِ مسبوقين من السعوديين على اختلاف أطيافهم!
* فــ (يوم التأسيس) يحمل معاني سامية ونبيلة؛ فـفيه الشهادة على العُـمْـق التاريخي والجــذور الراسخة الممتدة لأكثر من (3 قرون) لـ (بلادنا الغالية)، والتي رغـم التـحـديات ما تَـلْـبـث أن تنهضَ بعزيمة قَـادتها وعطاء وتلاحم المخلصين من أبنائها، وفي استذكار ذلك اليوم تأكيد على حضارتنا وموروثـنا الأصيل بـثـرائه وتنوعه!
* الكثير من المجتمعات والدول تحتفل بالأيام الفاصلة من تاريخها الوطني؛ باعتبار ذلك عاملاً رئيساً في ترسيخ الهوية الوطنية والثقافية في النفوس، لاسيما عند الناشئة، ولـِـمَــا أنه أداة مهمـة في الوئام والتلاحم لمجتمعي؛ ولذا فهذه دعــوة لقراءة تاريخنا الوطني، والبحث عن أيامه الخالدة؛ للتذكير بها وتكريم أبطالها!
* ومن الأيام التي أراها فاصلة في تاريخنا الحديث (مبايعة وعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله)؛ فبرؤيته الثاقبة تجاوز الحالي إلى القادم، وقفز بوطنه من الواقع إلى المستقبل؛ بصناعة تحولات ومكتسبات كبيرة؛ منها: ترتيب البيت الداخلي وتجديد دماء القيادات لضمان انتقال مستقبلي للحكم بكل سلاسة وهدوء، وكذا تنظيم البناء المؤسسي للدولة؛ والحرب على الفسَـاد، وترسيـخ مبادئ الشفافية، وتفكيك أركان البيروقراطية، أيضاً هناك يوم مبايعة (ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان سلمه الله)، فهو صَـانع وعـرّاب رؤية المملكة 2030م، وقائد الوطن نحو التطور في شتى المجالات، إلى غير ذلك من المناسبات الوطنية التي تستحقّ الفخر والاحتفاء!