
اليوم العالمي للغة العربية بين (الضاد والظاء والحاء)
لماذا 18 ديسمبر؟
يحتفل العرب حول العالم في الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر في كل عام باليوم العالمي للغة العربية. وقد وقع الاختيار على هذا التاريخ بالتحديد للاحتفاء باللغة العربية لأنه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة.
واللغة العربية لها ميزات تميزها عن باقي لغات العالم، فإضافة لكونها اعتباريًا من أقدم اللغات إلا إنها تحوي خصائص مثل: الألفاظ، والتراكيب، والصَّرف، والنَّحو، والأدب، والخيال، كما تمتلكُ اللغة العربيّة القُدرة على التعبير عن مجالات العِلم المُختلِفة وتستوعب كل المعاني بصيغ متعددة.
ومن الجدير هنا أن نعرج على بعض الأمور لعلنا ندرك ونستذكر فائدة من لغتنا (المبجلة)، ونشرع في تفصيل عبارة نرددها ونسمعها عند الحديث عن فضائل اللغة العربية فنقول ونسمع ” لغة الضاد” والكثير يفسر ذلك بأن (الضاد) لا توجد بأي لغة إلا العربية!
ويُقال إن الضاد المقصودة هي الضاد القديمة، يقول المتنبي: (وبهم فخر كل من نطق الضاد وعوذ الجاني وغوث الطريد).
فـ (الضاد) المقصودة في بيت المتنبي هي الضاد القديمة. يقول أبو البركات بن الأنباري في كتابة (زينة الفضلاء في الفرق بين الضاد والظاء) نخبة الواهمين تجعلها كالدال المفخّمة، بينما ليس مخرجها الأسنان واللثة بل جانب اللسان.
وفي كتاب (العين) يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي (الجيم والشين والضاد في حيّز واحد»، فالضاد القديمة لا يقابلها شيء من الأصوات، بدليل قول سيبويه «لولا الإطباق (يقصد التفخيم) لخرجت الضاد من الكلام، لأنه ليس شيءٌ من موضعها غيرها).
ومما ذكره المستشرق الألماني (برجشتراسر) (مخرجها قريب من مخرج اللام، فالضاد العتيقة حرف غريب جداً غير موجود إلاّ في العربية، غير أن له نطقاً قريبا عند أهل حضرموت، وهو كاللام المفخّمة. وينسب إن الأندلسيين كانوا ينطقون الضاد هكذا، ولهذا جعلها الأسبان لاماً ودالاً في الكلمات العربية المستعارة، فكلمة القاضي مثلاً ينطقونها (ألكالدي). أيضًا يضيف (برجشتراسر) “الزمخشري ذكر في كتابه «المفصّل» أن بعض العرب كانت تقول: (الطجع)بدل (اضطجع)“. يقصد كتاب (المفصل في صنعة الإعراب) لأبي القاسم محمود بن عمرو بن أحمد الزمخشري (المتوفى: 538هـ)
والمستشرق الفرنسي (هنري فليش) في كتابه (العربية الفصحى دراسة في البناء اللغوي) تعريب وتحيق وتقديم الدكتور عبد الصبور شاهين (هذا الحرف “كان يجمع الظاء واللام في ظاهرة واحدة، وقد اختفى هذا الصوت فلم يعد يسمع في العالم العربي، وأصبح دالاً مفخّمة وإمّا صوتًا أسنانيًا هو الظاء“).
وهناك قول آخر هو إن الحرف الذي لا ينطقه إلا العرب هو حرف (الظاء) كما في القاموس “المحيط”. فيقول عن الضاد إنه حرف هجاء للعرب خاصة.
وعن الظاء يقول إنه حرف خاص بلسان العرب.
و (تاج العروس) أضخم المعاجم العربية يرجع الكلام بخصوص (الظاء) إلى الفراهيدي، حيث يعرّفه بأنه حرفٌ عربي خص به لسان العرب لا يشركهم فيه أحدٌ من سائر الأمم.
أبو عمر عثمان بن سعيد الداني الأموي القرطبي (371-444هـ)، وفي كتابه “الفرق بين الضاد والظاء” يذكر “وقد أجمع علماء اللغة على أن العرب خُصّت بحرف الظاء دون سائر الأمم، لم يتكلّم بها غيرهم، ولغرابتها صارت أقل حروف المعجم وجوداً في الكلام، وتصرفاً في اللفظ، واستعمالاً في ضروب المنطق”.
ومنهم من قال إن اللغة العربية إنما تميزت عن غيرها من اللغات كما قال ابن فارس في “الصاحبي في فقه اللغة” إن لغة العرب اختصت بالحاء والظاء…
ومنهم من يتحدث عن انفراد اللغة العربية بحرفي الألف واللام اللذين يستعملان في التعريف، فليسا في شيء من لغات الأمم غير العرب.
هذا يسير من كثير في لغة العرب التي نحتفي بيومها العالمي، فاللغة هي الهوية ومن لا يعتز بلغته لا يعتز بهويته.
(أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ) *حافظ إبراهيم