سوق الخضار.. عبث×عبث!

توقفت قبل أيام عند سيارة محملة بمنتجات زراعية (خضار) وكانت السيارة تصطف بين عدد من السيارات المحملة بنفس البضاعة، ولكنني بعد (تفرس) وجوه الباعة اخترت أحدهم وكان على ما يظهر في الخمسينات من سنين عمره، ودار حديث على هامش عملية الشراء!

فبث إليَّ همومه ومعاناته مع السوق…

وقال إنه ومن على شاكلته يعانون من سطوة الأجنبي في الحراج، وسطوة البلاغات التي تسجل ضدهم عند المرور الذي يباشر البلاغات باعتبار مواقف سيارات الباعة غير النظامية.

ومباغتة مراقب (الزراعة) الذي لا يتوانى في مصادرة البضاعة والغلظة في الحديث معهم، حتى إنهم يعرّفونه فيما بينهم باسم غير لائق.

والسؤال المنطقي الذي وجهته له (إنكم تُحمْلون السيارة وتقفون بالقرب من المحلات التي استأجرها أصحابها وتضايقوهم في السوق وهم نظاميون)، فقال الإجابة المعروفة (هي أرزاق وكلٌ يأخذ رزقه)! واستطرد بقوله هذه المحلات أغلبها للأجانب، والكفيل يكتفي بمبلغ مقطوع يأخذه آخر النهار!

ولو تأتي بعد المغرب لحراج الخضار لرأيت بعينك من الذي يشتري، كلهم أجانب وحدد جنسيات معينة.

وعن موقف (الدلال) ضحك ساخرًا وقال (البلا من الدلال) يسجل الكمية للأجنبي دون أن يحصّل المبلغ! لأنه يعرفه ويضمن حقه كاملاً. أما المواطن فهو كالغريب بين ذئاب الحراج، إلا قلة، ولكن السيطرة العامة على الحراج هي للأجنبي. فإذا وقف الحراج على مواطن غير معروف في السوق يفرق الدلال السوم ويسجلها باسم الأجنبي!

وواصل القول (ليتهم يشوفون حراج الخضار في مدن القصيم). سألته ما الفرق؟ قال لا يمكن للأجنبي الدخول في مزايدات الحراج.  

تنهد وقال بتوجع (آه تعبنا!) كلمة خرجت محفوفة بحرارة تتماهى مع حرارة الشمس التي يقف تحت سطوة أشعتها من شروقها حتى الغروب.

وبعد المغرب وقفت -وقد قادني الفضول- على الحراج لأرى مدى صحة ما ادعى. فوجدته صادقًا في الرواية التي رواها لي الرجل إلى حدٍ كبير.

ومع التحفظ على طريقة البيع في السيارات ووقوفها بشكل عشوائي أمام المحلات، وما تحتاجه من تنظيمات، إلا إن موضوع الحراج يحتاج عملية ضبط، ومتابعة بالذات مع (الدلالين) فهم من يقود السوق، ويعرفون أسراره وخفاياه.

ربما يحتاجون إلى دورات تثقيفية ونظام يتلزمون به، أو زيارات للأسواق في المناطق المجاورة والإفادة من خبراتهم.

بل العجيب إن من يسيّر الدلال هو الكاتب الذي يدون بخطه الجميل اسم المشتري ونوع المشترى، والذين رأيتهم ليلتها ثلاثة دلالين مواطنين وكتابهم من جنسية عربية حسب لهجتهم، فالكاتب يقود الدلال إلى الأمام أو الخلف أو اليمين واليسار بإشارة سريعة إلى (كراتين) الخضار المرصوصة.

سوق كبير وخير كثير لا ترى فيه على عمومه إلا الأجنبي الوافد وندرة من المواطنين.

ومن يشكك في ذلك فليراجع سجل (كاتب الدلال) ويطّلع على قائمة الأسماء.

مع التحية لمن يهمه الأمر..

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟