
“النصابون”
المدينة المنورة على مكانتها ووهجها وتاريخها مدينة طبيعية لا تُنجب ملائكة بل بشرا مختلفي الطباع والخصال، فمن أبنائها النموذج الذي يُحتذى به -سلوكا وتعاملات- ومنهم مادون ذلك.
المدينة المنورة حمّلها التاريخ مسؤولية كبيرة ودعا أبناءها ليكونوا القدوة في كل شيء لأنهم جيران سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، عليهم احتذاء حذوه واقتفاء أثره بدءاً من صناعة العلاقات والحفاظ على ديمومتها وانتهاء بطيب التعاملات -على اختلاف أشكالها-.
ولكن!!!!
يبقى حظ المدينة المنورة في ثُلّة المنتفعين من محترفن الأكل على كل الموائد، ثلة دام بقاؤها لسنوات طويلة حتى أصبح وجودها كزرع الشوك يؤذي العيون والأيدي أيضا.
ومع قناعتنا بوجود الأبيض والأسود على كل أرض يبقى في “نصابين المدينة” سمات خاصة وحصريّة وكأنهم يتوالدون على نفس الهيئة.
تمر السنوات وراء السنوات والصفات لا تتبدل، تتغيّر الكراسي وهم بجوار الكراسي لا يبرحو أماكنهم، هيئتهم تبدو كهيئة الكبار، يطلقون شعارات خدمة المجتمع وهم بعيدون عن مسارح الخدمة، لا يعرفو أقل معاني العطاء لأنهم اعتادوا مفردة الأخذ بكل الوسائل والحيّل.
“النصّاب” ليس فقط من يحتال علينا ليسرق مالاً ويلتف بكل الوسائل والحيّل أو يعتلي منصباً غير مُستحق، فبائعوا شعارات الخدمة والمتمسّحون في قميص الكبار والجالسين أسفل الكراسي لسنوات لينالوا قسطا من الوجاهة، ومدّعوا حبها ومن أجلها ومحترفي المبادرات الوهميّة التي تأخذ من أحلام شبابنا وبناتنا الكثير، هم نصابون أشد خطراُ وأكثر ضررا.
ومع تواجد هذه الفئة بيننا منذ سنوات طويلة يبقى التشابه واضحاً بين نصابين الأمس واليوم في النهج والأسلوب والطريقة وكأنهم ينهلون من معين لا يتغيّر.. “تعددت الطرق والنصب واحد”
المدينة المنورة التي تبذل اليوم الجهد لتقليم أشجارها وتهذيب أغصانها وإزالة الضار منها وزراعة البديل النافع حريّا بها البحث عن وسائل خلاص من هذه الثلة الباحثة عن مكان ولاتملك أهليّة المكانة، تنشد الوصول للوجاهة الزائفة وهى لا تعرف طريقها ومفاتيحها.
ختاماً..
المجتمع اليوم أوعى كثيراً من أن يستغله أمثال هؤلاء مهما حاولوا التلون والتحور ومهما حاولوا استغلال الغطاء الرسمي، ويبقى هنا الدور على المسؤول وفطنته فهو من يُمكّنهم ويمنحهم هذا الغطاء.