ريم خوجة : خصخصة الجامعات حٌلم كل أكاديمي شغوف 

"جامعة كاوست" صانعة الشغف و بيئة علميّة داعمة ومُمكّنة للطلاب

 التعليم إبداع وابتكار ومهارات وليس نسخ ولصق 

الخصخصة تستأصل التعليم النمطي من المنهج التعليمي

الهندسة الحيوية هي المفتاح الأول لتطوير الطب

 

حاورتها: سميّة جلون

تحدثت بجرأة عن حٌلمها التعليمي ورحلتها مع الفصول الدراسية النمطية وإحساسها بالإحباط وهي تدرس كُتبا لا تغذي مهارتها ولا تٌنمى ابداعاتها، تكلمت عن طموحها الذي صنع لها طريقا تعليميا على مقاس أمانيها.  حديث المدينة حاورتها ووقفت على محطات رحلتها من النشأة حتى بلوغ الهدف، حلم وطموح وتحديّات وآمال تعلقت بالرؤية القادمة. لنستكشف معاً الحكايات بين السطور في رحلة علمية لم تنته بعد بدأتها د. ريم خوجة بجرأة حيث كان التميّز والنبوغ والريادة.

 النشأة والطموح 

الرياض ومكة و جدة ولوس انجلوس و السيلكون فالي محطات فارقة في رحلتي، كل محطة أوصلتني للأخرى بدايةً مع أرفف مكتبة منزلنا العامرة بكل كتاب أثار فضولي فيها ، حيث كانت المكتبة تغطي جداراً كاملاً مقسمة بالنصف إلى كتب علمية من أمي معلمة العلوم والأحياء وهي رمز الشجاعة و قدوتي في الإخلاص و التفاني في العمل تحت أي ظرف ، والنصف الآخر جميع الكتب المختصة في علم الاقتصاد من والدي الحاصل على دكتوراه في الاقتصاد، والذي ابتدأ عمله في مؤسسة النقد بالرياض وكان رجلاً غير تقليدياً يناقشنا في جميع الأمور ويستمع لآرائنا بتمعن .. وهذا جعل دورهما في تربيتي الأبرز في دعم مشواري العلمي.

أول خطوة 

بدأت أولى خطوات نجاحي خلال دراستي بكالوريوس التقنية الطبية من جامعة الملك عبد العزيز بجدة حين حصلت على جائزة الميدالية الذهبية لأول وأفضل مخترعة سعودية عام ٢٠٠٨ من المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO لاختراع المجهر الخاص لتحليل السوائل الطبية حيث يجمع العينات بصورة آلية لوقاية العاملين من العدوى ثم يقوم بعمليات تحاليل مجهرية متعددة في وقت أقل، بخلاف طرق التحاليل التقليدية العادية. وتم تكريمي في المعرض الدولي للاختراعات في مدينة جنيف بميدالية ذهبية أخرى بالإضافة إلى درع تكريمي من حاكم مدينة جنيف. وقبل تخرجي من البكالوريوس تم ضم اسمي لصف من العلماء السعوديين المبدعين بجانب البروف غادة المطيري والبروف حسام زواوي. بعد ذلك انضممت إلى أوائل الطلاب الذين افتتحوا جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية “كاوست” وتخصصت في الهندسة الحيوية حيث كانت تجربة جديدة ومسار علمي مميّز كنت أتوق له وأتمناه.

   رحلة كاوست

رحلة ابتعاثي في جامعة كاوست رحلة عنوانها الشغف ، حيث حصلت على درجة علمية مميزة واستفدت جل الاستفادة من طريقة التعليم وبالرغم من أن أغلب مواد المنهج الدراسي كانت في تخصص جديد لكنني استطعت برمجتها وفك شفراتها بسهولة ، وكنت متعطشة لهذا النوع من العلوم منذ زمن طويل مما خفف عليّ الشعور بضغوطات الدراسة المعتاد عليها في أي زمان ومكان آخر ، عشت في كاوست كمن يعيش على ضفاف نهر أحد الأماكن السياحية العالمية حيث كانت بيئة علمية مريحة داعمة للسعوديين وللمقيمين من جميع النواحي بدايةً بالتعريف بالجامعة ورؤيتها مروراً بالأقسام الأكاديمية ومقاعد الدراسة الفعلية وتطوير مهارات التواصل الاجتماعي داخلها وانتهاءً بمحصلة الشهادة العلمية للتخرج وأيضاً تثقيف المواطنين بمهارات التعامل مع الطلاب المقيمين والأجانب للحصول على الراحة المطلوبة وتوفير بيئة العلم الحقيقية دون تكلف أو تقصير في الحقوق.

بيئة خاصة 

كدفعة أولى من الطلاب السعوديين في كاوست كان شعورنا بالمسؤولية تجاه الطلاب المقيمين حصيلة الشغف العلمي العميق وحب الوطن والرغبة في رفع رايات الأعلام العلمية السعودية إلى أعلى المستويات (فوق هام السحب). وساهمت بيئة كاوست الخاصة بتطبّع المقيمين بسلوكيات السعوديين بحيث كان يقوم بعض الطلاب بمشاطرة فريضة الصيام مع زملائهم كنوع من الألفة لمشاركتهم موائد الإفطار ، وبادرت في تنظيم شراء الهدايا في مناسبات الأعياد الإسلامية و تقديمها من الطلاب السعوديين لأصدقائهم الطلاب المبتعثين من خارج المملكة لجلب السرور والود والمحبة والتعريف بالأنشطة والتراث الخاص بثقافة السعوديين خلال هذه الفترة السعيدة، وما كانت ردود أفعالهم إلا الانبهار بالكرم العربي وأيضاً التطوع للتسويق لأهاليهم وإخوتهم ومعارفهم في بلادهم للحصول على قبول المنح الدراسية داخل جامعة كاوست فضلاً عن كرم الخدمات الداخلية لمدينة كاوست كرحلات الحافلات المجانية من وإلى جدة ولطافة الشعب و رحابته وحبه للمرح والتسلية.

إلى لوس انجلوس

رحلة الدكتوراه كانت أيضاً في تخصص الهندسة الحيوية ولكن كانت رحلة مختلفة من جميع النواحي في مدينة لوس انجلوس وبالتحديد في جامعة University of California Los Angeles UCLA حيث شهدت خلالها الفرق في مناهج وطرق التعليم الفعالة التي تشرك الطالب في البحث عن الإجابة وابتكار الحلول بدلاً من نسخها ولصقها في الواجبات أو الاختبارات. ومن هناك عملت في السيلكون فالي في إحدى الشركات الناشئة في التقنية الطبية وقطفت ثمار التعليم الفعال في إيجاد الحلول لمشكلات تقنية ذات التأثير العالي.

مناهج المستقبل

كم اتمنى أن تكون هذه هي مناهج المستقبل في المملكة ، مناهج  تفتح الأذهان وتوسع مدارك الطلاب ليتعمقوا في فهم المواد العلمية ويتعلموا مهارة حل المشكلات في دروس المناهج ودروس الحياة مستقبلاً ، فالفكرة من التعليم والتدريب هي صقل المهارات وتعزيز إيجاد الحلول والمخارج وتذكر المعلومات الجديدة بممارستها على أرض الواقع لتُخرج طريقة التعليم هذه النور من داخل عقل الطالب وليعزز بها مهارة التدريب على التفكير بطريقة جديدة ومختلفة كل يوم ، ينعش فيها خلايا مخه وتنشط بها حركته وسعيه المستمر على عكس عملية النسخ واللصق في منصات التعليم الحالية.

 دعم المرأة 

أكثر شيء يثقل كاهل المرأة هو ادعاء الآخرين بالكمال في جميع جوانب حياتهم الشخصية والعملية. تلك المطالب تبني توقعات غير واقعية في العمل أو المنزل ليؤدي ذلك إلى ترك إحداهما كلياً بسبب نقص الكمال المطلوب. كم أتمنى أن تذهب الموظفة السعودية لعملها كل يوم دون الشعور بإحساس الذنب أو تأنيب الضمير لتقصيرها المحدود في ركن ما لأفراد أسرتها وأهلها .. أيضا أتمنى أن تعود إلى المنزل دون إحساسها بالتقصير في العمل كذلك. وأتمنى من المجتمع السعودي أن يتوقف عن تطبيع الكمال كونه السبب الرئيسي لتثبيط السيدات حتى ولو بمجرد الكلام اليومي المعتاد والشائع وبالإشارة إلى الأجزاء الناقصة في حياتها الطبيعية غير المكتملة على أكمل وجه بدلاً من دعمها في الجزء التي تقوم ببنائه حالياً، المرأة السعودية قوية ولا تبحث عن دعم خارجي ولديها ثقة كافية بنفسها حتى تنجح بحياتها وتستطيع أن تصل لأهدافها بناءً على إرادتها. ويجب على كل امرأة سعودية أن تعرف وتتأكد أنهلا يمكنها الحصول على كل شيء في نفس الوقت للتقدم إلى الأمام دون حيرة أو ندم.

الولاء للأصل 

الجامعات في الخارج تزيد من رصيدها وتطور من نشاطاتها وتقوم بتخريج دفعات ذهبية من الطلاب المبدعين عن طريق التعاون مع الشركات والمنح البحثية. فعندما يتخرج طالب ببراءة اختراع مقدمة من الجامعة ويؤسس شركته الخاصة تقوم الجامعة بأخذ نسبة من الشركة لترخيص استخدام براءة الاختراع وبذلك وبسبب الخصخصة ستتغير كل أنظمة الجامعة لدعم الطلاب على أكمل وجه ممكن باستقطاب الأساتذة المبدعين في جميع المجالات ، والذي سيكون أفضل حل ستشهده المملكة مع تحقيق رؤية 2030 حيث أن هذا النوع من الحلول سيهمش تواجد أي أكاديمي لا يقوم بتمكين و دعم الطلاب لتكون فرصة مقعده الوظيفي لمن يستحقها فقط حتى تكتمل حلقة الوصل بين الطلاب والجامعة حيث أن الدخل المادي ( بعد الخصخصة ) يعتمد كلياً على تخريج دفعات طلاب متميزين وفرص لمقاعد وظيفية في جميع المجالات ومبادرات مستقبلية لدعم أقسام الجامعة.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟