
كورونا، والنظرة القاصرة فيما وراء ارتباك الغرب
بقلم: سعد عبدلله آل حماد
يقول القائل: لقد سقطت الشيوعية بسقوط طائرة شرعية في عاصمتها، وها هو الفايروس يكشف زيف قدراتهم وأقوالهم المبتذلة المملة في ظل الأوضاع الراهنة والمشهد الذي يمر به العالم أجمع من كساد وخسائر في الأرواح البشرية والاقتصادية.
فتشتُ بحذر شديد عن بعض النقاط التي بانت لي موخرًا! في ظل تواجد المتوتين والمنجمين والمضللين ومروضي الأفكار والبلوجرز..
دعونا نتحدث بشكل عقلاني؛ سوف يخلق فيروس كورونا عالمًا جديدًا بموازين مختلفة ولعل أبرزها القوى الاقتصادية التي سوف تتشكل بطرق مختلفة لم تعد كسابق عهدها، وبأسلوب جديد ذو حكمة وهدف! هذا الفايروس الغير مرئي بالعين المجردة كشف للجميع جوانب كثيرة مخفية وغير مصدقة أو متوقعة لدول كبيرة بسلطتها وبحجمها على الخارطة الجغرافية، وعري الكثير على حقيقته وخاصة في (ا لأمور الإنسانية).
أتفق على أن هذه الجائحة كشفت العديد من الثغرات وستعيد ترتيب الكثير من المعطيات على المستويات الدولية والاقتصادية والعملية بل و الإنسانية، وعلي صعيد ذلك لم يتوقف صعود المؤشر الوبائي في “الدول الغربية”، واتخذ السيد كورونا مسارات كارثية بشكل غير متوقع؛ جراء ردود أفعال لم تكن في البدايات على مستوى الحدث رسميا وشعبيا، بل كان التراخي وخاصة على المستوى الرسمي الحكومي هو سيد المشهد، مما يُوحي بقدر غير قليل من اللاّمبالاة بمصير الإنسان؛ قياسا بالاهتمام الجنوني بمصير الاقتصاد، وهو الاهتمام الذي حجب الرؤية عن كثير من أصحاب القرار الذين كان بإمكانهم تدارك الأمر في بداياته الأولى.
مشهد مؤلم بحق! هؤلاء الأبرياء!
ما ذنب هؤلاء الأبرياء؟ الذين تقتلهم نظريات المؤامرة والعلماء والتجار؟ بعيدًا عن حديث أن هذه المؤامرة من الحروب البيولوجية؛ باعتقادي الشخصي؛ هذا الفايروس أكبر من مجرد نظريات ويسير باتجاه مخيف جدا، دعونا نعود إلى الدول “الغربية” التي تصدرت قائمة ضحايا فيروس كورنا؛ بأعداد المصابين والمتوفين؛ هذه القائمة لا تعكس إلا جزءا من الحصيلة الحقيقية، لان في الواقع عدداً كبيراً من الدول لا تجري فحوصات مبكرة إلا للحالات التي تستوجب النقل الى المستشفى! وبعد ذلك يكتشف أنه مصاب، هذا الأمر طبيعي جداً في دول تفتقد فن إدارة الأزمات وهذا لا يعني الفشل أمام تحدي هذا الوباء، لأن هناك جوانب كثيرة جدًا لا يمكننا حصرها، فكما تعلمون هناك قادة للأزمات وهناك قادة بالتطور الاقتصادي و الطبي والصحي وغيره فيما يدور هنا وهناك يُروّج بعض المتخلفون إلى أن الواقع الحالي يؤول إلى فشل للنمط الحضاري الغربي، بل يؤكدون أنه أكثر من فشل، وعلى إشعار أخير بقرب نهاية الحضارة الغربية في خطها الرأسمالي الليبرالي، في حين يغيب عن أذهان كثير من هؤلاء المستبشرين بما يسمونه
شل الغرب”، أو قرب سقوط/ نهاية الغرب، الكثير من الوقائع المجهولة!، فهذه البلبة هدفها التقليل بقيمة الدول الغربية وهذا التوقع المبطن غير صحيح؛ فالغرب واجه ما هو أشد وأقسى من هذه الظروف الصعبة بعشرات المرات وقد خرج منها كالمارد من تحت الرماد، خرج منها أكثر قوة وألقا واستشعارا للقيم.
“حضارة الغرب هي تاريخ طويل من النمو المتعاضد ذي الجذور الراسخة التي يستحيل على العواصف انتزاعها! الغرب ليس عرقا يضعف أو يندثر، الغرب ليس تشكلا إراديًا قابلا للتفكك والاضمحلال عند أول أزمة عاصفة، أي نعم أن الدول الغربية الكبرى ذات الأنظمة الصحية المتفوقة على باقي العالم هي أكثر من تضررت، ولكن هذا لايعني يا صديقي “الفشل” لأن هذه الجائحة ستبقى حالة عابرة؛ مهما طال أمدها واتسع نطاق تأثيرها”.